مواضيع أخرى
مقالات
يوم الثلاثاء, 10 كانون الأول 2024
28-04-2015
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله الطيبين، ورضي الله عن أصحابه المرتضين.
تجتذب الدراسات القرآنية في هذا العصر كثيراً من الأقلام، شاق لها هذا النظم المعجز، وراق لها هذا الخطاب المجيد، فانتبهت إلى لفظه وهو عربي غير ذي عوج فراحت تنقب في هذا الحرف باحثة عن سر جديد، وتغوص في معانيه ومدلولاته عن معنى يضاف، وقد جاء بعضهم بما ليس مألوفاً، كما أبدع بعضهم بما ليس معروفاً، فانبرت له أقلام بالنقد، إلى جانب أقلام تمادت في الطعن وليس هذا صحيحاً بأي مقياس لأن تلك الأقلام المشار إليها إنما هي أقلام لا يحق لنا أن نصفها بغير الإيمان، ولا يجوز أن نتعامل معها إلا بحسن الظن { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} < النساء: 94 >،
ولقد قرأت عددًا محدودًا مما كتبه بعض الكاتبين في شتـــى مواضيع القرآن الكريم وجوانب إعجازه وهم ما بين طبيب وسياسي ومهندس ولغوي وفلكي، ووجدت كما وجـــــد الناس خطأ يصاحب الصواب، وهو أمر منطقي بقوانين النظر، وزللاً يواكب الثبات، وهو أمر ضروري لحركة العقل، وغياباً يواكب حضوراً وهو أمر ملازم لجبلة الإنسان. ثم قرأت أيضاً كما قرأ غيري سيلاً من التهم وأنهاراً من الشتائم وردائف من الغمز واللمز لهذا الكاتب أو ذاك لزلل صادف بعض ما كتب نتيجة لخطأ الكاتب في التحقيق أو لخطأ الناقد في التدقيق، وهذا مسلك مذموم يميت البحث ولا يحييه، ويقيد الفكر ولا يطلقــه، ويقبــــض المعرفة ولا يبسطها، ولنا في رسول الله صلى الله علية وس لم أسوة حسنة حين كان ينصح ولا يجرح، يوجه ولا يسفه، وينصح ولا يقدح يلمح ولا يصرح فيقول: « ما بال أقوام» ولا يقول ما بال فلان من الناس . والمجتهد له أجرٌ إن أخطأ، والقادح عليه وزرٌ وإن أصاب.
لماذا كتاب: « الخطاب القرآني – إعجاز متجدد»
تناولت في هذه الدراسة بعض المسائل التي رأيت أنها ربما تكون بحاجة إلى شيء من التصويب أو التعديل، الانتباه مما قرأته هنا وهناك، تناولتها من غير أن أشير إلى من أراه قد قصر فيها أو ذهل عنها، إنما تناولتها ابتداءً وكأن الأمر لا يعني أحداً غير هذا طالب العلم الذي سيقرؤها وفي نفسي حب واحترام لكل من يحاول أن يكتب في القرآن الكريم كلمة أصاب أو أخطأ، فإنما الأعمال بالنيات، وإنما الأعمال بخواتيمها، فمن أخطأ اليوم، سيصيب غداً، شريطة أن لا تطبق على رقبته آخذاً بتلابيبه، فقد أسلم الناس بعد شرك، واهتدوا بعد ضلالة، وأطاعوا بعد معصية وأصابوا بعد خطأ، وأيقنوا بعد شك، ولولا ذلك ما أرسل الله لعباده رسلاً ولا جعل لهم هداة، ولا رغب ورهب أو خوف ووجـس ووعد وأوعد، والعلم بالقرآن الكريم يبدأ ولا ينتهي ويتسع ولا يضيق، ويتحرك ولا يقف إلى أن يبعث الله الأرض ومن عليها.
وهي دراسة تهدف إلى تلمس منهج جديد لفهم هذا الكتاب العزيز، الذي لا تنقضي عجائبه .
وقد رأيت أن أكتب هذه الدراسة - كتاب « الخطاب القرآني – إعجاز متجدد» - بأسلوب سهل وواف يسهل على كل من يقرأ ويكتب العربية من العرب وغيرهم فهمه وإدراك مغزاه، نظراً إلى أن من أعدت لهم هذه الدراسة هم من المسلمين من غير العرب، مما قد يشكل عليهم فهم العبارات العلمية الدقيقة بلغة المصطلحات المحدودة، وكنت قد أردت لهذا المنهج الجديد أن يلتفت إليه كل قارئ للقرآن مهما تدنى مستواه العلمي فيه، أو كان من العلماء أو المثقفين في غير هذا المجال، لأنه منهج ميسر يجد من خلاله كل قارئ للقرآن الكريم جانبا من جماله، ويتذوق صنفاً من أصناف حلاوته بعملية ميسرة، لا تقتضي أكثر من التدبر بأي قدر، والتأمل بأي مستوى، والاستعانة بأي كتاب من كتب اللغة مهما تفاوت مستواها وحجمها وعمقها. سواء ما كان من المعاجم، أو فقه اللغة، أو شروح الألفاظ على أي سبيل. |