مواضيع أخرى
مقالات
يوم الأحد, 13 تشرين أول 2024
24-03-2014
نشر العلم أمر عظيم ويثاب عليه المرء، وهو صدقة جارية بإذن الله تعالى لما ينفع الناس ويبقى أثراً لمن عمل عليه بعد وفاته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ، وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ...» أخرجه ابن ماجه، الحديث رقم: 242.
ولقد أصبح لنشر العلم والمعرفة في أيامنا هذه صور متنوعة كثيرة، فبعد التأليف أو الإعداد يأتي دور وسائل النشر المتعددة من أشرطة سمعية أو فيديو، إلى النشر ضمن كتاب أو حاسوب وغيرها.
والمؤلف أو المحقق حين ينجز عمله - الذي يكون قد استغرق منه سنين من الجهد - يأخذ أجراً مادياً على عمله ليساعده على العيش والاستمرار في التأليف بغية نشر العلم والمعرفة وهو يؤجر عند ربه أيضاً على عمله إن كان نافعاً.
ويأتي دور المنتج للعمل لنشره في شتى الوسائل الملائمة للمؤلَّف، فينقحه ويصمم له إطاراً ليخرجه للناس.
وإذا حصرنا كلامنا هنا على وسيلة واحدة من وسائل نشر العلم، ألا وهي نشر العلم والمعرفة بواسطة الكتاب الورقي، يأتي دور الناشر بالاستعانة بذوي الخبرة لصف الكتاب وتصحيحه ومراجعته، وذلك مقابل أجر مادي يدفعه لهم، ويصمم الغلاف المناسب له، ويشتري المواد اللازمة لذلك من ورق وطباعة .. وغيرها، فلولا هذا الجهد المعنوي والمادي لما خرجت الكتب إلى العلن ولما توفرت بأسعار منافسة.
فالمؤلف يبذل جهداً ويبحث في كتب أهل العلم ويضع خبرته، والناشر يجهد في إخراج الكتاب وتصحيحه وتمويله لنشره للراغبين. ومما لا شك فيه أن المؤلفين والناشرين قد بذلوا في إعداد هذه الكتب جهداً ووقتاً ومالاً ، وليس في الشريعة ما يمنعهم من أخذ الربح الناتج عن هذه الأعمال ، فكان المعتدي على حقهم، ظالماً لهم ، وآكلاً أموالهم بالباطل.
نشر العلم أمر عظيم ويثاب عليه المرء على أن لا يكون اغتصاباً لحقوق الآخرين، فهناك من يرغب بحماسة وغيرة على الدين أن يساهم بنشر العلم وخاصة العلم الشرعي والتفسير والسير.. وغيرها، فيلجأ إلى تصوير الكتب ونشرها عبر الإنترنت بقصد تعميم الفائدة أو يجعل عمله هذا وقفي مجاني لوجه الله تعالى، علّه يؤجر عليه، فيسرق حق المؤلف... فلا يؤلف بعد ذلك، ويسرق حق الناشر... فلا ينشر بعد ذلك. وهكذا نكون قد قضينا على العلم وأهله.
ثم إنه لو أبيح الاعتداء على هذه الحقوق (حقوق المؤلف والمنتج والناشر)، لزهدوا في التأليف والإنتاج والابتكار، لأن أعمالهم لن تجني عائداً، ولا شك أن توقّف هذه الأعمال قد يمنع خيراً كثيراً عن الناس.
وعلى سبيل المثال: إذا أردنا بناء مسجد أو مكتبة عامة نأتي بالمهندسين والعمال والبنائين، ونقول لهم فور إنجازهم العمل: لن ندفع لكم أجراً لأن هذا العمل وقف لله تعالى، والقصد منه نشر العلم، فهذا باطل «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً...». أخرجه مسلم في كتاب: الزكاة، الحديث رقم: 2343/1015.
والدعوة إلى تحميل الكتب ونشرها عبر الإنترنت بقصد نشر العلم، (دون إذن المؤلف والناشر) كلمة حق تؤدي إلى الباطل، فلا يجوز نسخ الكتب التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :«الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» فهذا حرام. . وحرام شرعاً وقانوناً. وهو سرقة فلا تشاركوا بها...
محمد ابراهيم فولادكار
|